الحقيقة وان كذبها المتعصبون تبقى حقيقة

الحقيقة

وإن جهل عنها الجاهلون
وإن تكبّر عنها المتكبرون
وإن أنكرها الحاقدون
وإن كذّبوها المتعصبون
وإن تناساها المدّعـون

تبقى حقيقة ..




كلمات أحببت أن أبدأ بها حديثي ، فإنّي أتكلّم عن حقيقة تغيب عن أعين الكثيرين بسبب ما أعماهم من تعصبّهم لأنديتهم ..
هي الحقيقة التي لا زالت تثبت نفسها بكل وضوح وبمنتهى الكمال ، ورغم ذلك البعض يفسّر دلائلها وآياتها على هواه لينكر تلك الحقيقة ..
حديثي اليوم يطول عن تلك الحقيقة ، ولذلك سأقصّر عليكم المسافات ، وأنهي المقدّمة هنا ، فرسالتي كشف حقيقة وليس خاطرة شعرية ..
والحقيقة هي حقيقة التفوّق الإنجليزي المطلق في الفترة الحالية خصوصاً السنتين الأخيرتين على جميع الدوريات الأوروبية الأخرى ..



بدايةً .. الكل تقريباً يتفق على أفضلية الدوري الإنجليزي والاسباني والإيطالي على جميع الدوريات الأخرى ..
ولهذا فسأقتصر قراءتي الفنّية ومفارنتي بين الدوري الإنجليزي وبين الدوري الاسباني والإيطالي ..





النتائج التي سجّلتها الفرق الإنجليزية في دوري الأبطال الأوروبي في السنتين الأخيرة تشهد الجميع على قوّتها ..
كيف لا وأنّ مانشستر يونايتد يسحق ثاني الدوري الإيطالي بسباعية ، ويخرجه في الموسم الآخر بهزيمته ذهاباً وإياباً ..
ولا أنسى فوزه الأوّل في دور المجموعات ، وبهذا يؤكد مانشستر تسيده على روما الذي أخرج بطل الليغا ريال مدريد ..
كما أنّه أخرج ثاني الليغا برشلونة عن طريق الفوز عليه بهدف يتيم ، وغير هذا فإنّ تشيلسي أيضاً تفوّق على برشلونة ..
عندما فاز تشيلسي بهدف دروغبا في الستامفورد بريدج ، وأيضاً ليفربول حين أقصى برشلونة من على دور الثمانية ..
ولا أنسى الآرسنال وإخراجه للميلان هذا الموسم ، وتشيلسي حينما أخرج فالنسيا ، نتائج كثيرة وبعضها ثقيلة ..
وعندما نحسب إحصائية تبين نسبة فوز فرق الدوري الإنجليزي على مثيلاتها من الدوري الاسباني والإيطالي ..
تقول الإحصائيات التالي :


من أصل 12 مواجهة بين فرق إنجليزية وإسبانية ، فازت الإنجليزية بـ 6 مباريات وتعادلت في 4 وخسرت في 2 فقط ..
ومن أصل 13 مواجهة بين فرق إنجليزية وإيطالية ، فازت الإنجليزية بـ 8 مبارايات وتعادلت في 2 وخسرت في 3 فقط ..


وأندية الوسط لها نصيب ونتذكّر فوز أستون فيلا على انتر ميلان بثلاثية نظيفة وأيضاً عندما سحق توتنهام الإنجليزي نظيره روما في ملعبه الوايت هارت لين بخماسية نظيفة ، صحيح أنّ الودّيات لا تقيس المستوى الحقيقي ، ولكن لن نستطيع القياس بين أندية الوسط في البريمير ليغ والأندية الكبرى في الدوريات الأخرى إلاّ عبرها ، وذلك بسبب ظلم الاتحاد الأوروبي عندما لم يعطي كرسيين على الأقل لفرق تعدّ أقوى بكثير من الفرق المطروحة كتوتنهام وتفوقه على دينامو كييف أو حتّى بورتو مثلاً ..





البريمير ليغ في السنتين الأخيرتين أصبحنا نشاهد طفرة كروية مذهلة ، فتطوّر مستوى أندية الوسط مثل توتنهام وأستون فيلا وإيفيرتون وبورتسموث وغيرها جعل من الفوز بالدوري الإنجليزي مهمّة صعبة ويجب على من يخوض هذا المعترك أن يكون على أتم استعداد لخوض كل تلك المعارك ، ولهذا نجد أنّ استعدادات الفرق الإنجليزية للدوري الإنجليزي يسود عليها طابع الجدّية غالباً ، كما أنّها مع ارتفاع مستوى الدوري الإنجليزي تحاول أن تواكب ذلك الارتفاع ، ونشاهد نتائج ذلك في دوري الأبطال الأوروبي ، فمثلاً مانشستر يونايتد رغم أنّ مستواه كان أقضل في هذا الموسم عن الموسم الماضي ، وبتعاقداته الكثير من تيفيز وهارجريفز وناني وأنديرسون والبقية ، نجد أنّه لم يحسم الدوري إلاّ في الجولة الأخيرة بفارق نقطتين فقط ، وكذلك بفارق 4 نقاط عن الثالث ، هذا يدلّ على التطوّر المستمر للدوري الإنجليزي وأنديته ، وبعض أسباب ذلك التطور سأفسّره لاحقاً ..


شخصياً لو سألني أي شخص عن الأندية الأفضل في أوروبا حالياً ، لقلت بأنّ الأربعة الكبار في الكرة الإنجليزية هم الأقضل بلا أي شك ، الأسماء والنجوم وفوق هذا كلّه التكتيكات والتنظيم الذي يسود الأداء داخل الملعب كلّه يصب في مصلحة الإنجليز ، وبكل أمانة ، أندية الوسط مثل أستون فيلا وإيفيرتون وتوتنهام وبورتسموث نشاهد منهم تنظيم كبير في الملعب ولا أبالغ إن قلت إنّهم منظمين تكتيكياً أكثر من ريال مدريد وبرشلونة ، وحتّى الأسماء التي يمتلكونها تقارعها ( طبعاً لو استثنيت الجانب الإعلامي ) ..


تخيّل أنّك تمتلك فيرغسون وفينغر ومورينهو وبينيتز وخواندي راموس في دوري واحد ،! لو تم تصنيفهم فصدقّوني هؤلاء الخمسة لن يكون أحداً منهم خارج دائرة أفضل 10 مدربّين في العالم ، كما يوجد ديفيد مويز مدرّب إيفيرتون ، ومارتن أونيل مدرّب أستون فيلا ، ومتابعي الدوري الإنجليزي يعلمون مدى عبقريتهم ..


بصراحة ( ويا ريت لا أحد يزعل من كلامي ) عندما أشاهد الدوري الاسباني كأنّي أرى ( دوري الحارة ) ، انعدام في التنظيم ولا توجد أي جمل تكتيكية ، أغلب ما في الأمر هو حوارات فردية في مساحات كبيرة ، عشوائية في التنظيم الدفاعي والتنظيم الهجومي ، لا نجد أي نظام يسير عليه الفريق بتاتاً ، طبعاً مع وجود استثناءات كـ ( مباراة ريال مدريد وبرشلونة في النو كامب ) ، حتّى مدربّي الفرق الكبيرة كشوستر وريكارد ليسوا أبداً بمستوى مدرّب إيفرتون ديفيد مويز ، وأيضاً مدرّب أستون فيلا مارتن أونيل ( رأي شخصي ) ، ومن يشاهد شريط مباراة ريال مدريد والآرسنال الأخيرة يشاهد الفرق الواضح بين تنظيم الفريقين في الملعب ..


الأغلبية العاقلة من عشاق الكالشيو تعلم أنّ الدوري الإيطالي مريض حالياً ، خصوصاً بعد فضائح التلاعب التي تعرض لها وبسبب ذلك انخفض مستوى الدوري تماماً ، وتعلم أنّ الدوري الإيطالي لا يزال يحتاج إلى ترميم أوراق وحسابات كثيرة كما نشاهد في الميلان واليوفي ، وحتّى الانتر وروما يريدون ترتيب أوضاعهم للمنافسة في دوري الأبطال ، فللأسف لا يوجد أي نقطة تستحق المقارنة بين الدوريين ، ولذلك فلن أفصّل في المقارنة بين الدوريين ..





من الأسباب التي جعلت من البريمير ليغ يتطوّر بشكل لافت هو وجود طفرة كبيرة في الاقتصاد في الفرق الإنجليزية ، ولهذا نجد أن فرق تعد متوسطة أو صغيرة تصرف أموال أكثر من بعض الفرق الأوروبية الكبرى ، فمن يصدّق أنّ سندرلاند مثلاً يتعاقد مع تاينيو وديوف وتشيمبوندا وأيضاً ستيف ميلبرونك ، وأيضاً توتنهام يخطف مودريتش الملاحق من عدّة أندية أوروبية كبرى كبرشلونة وآرسنال ، وأيضاً يتعاقد مع بنتلي ، وكذلك دوس سانتوس ، وقد بلغ مجموع ما صرف توتنهام على الصفقات الثلاثة دون الأخرى أكثر من 35 مليون جنيه استرليني ( 49 مليون يورو تقريباً ) ، بينما ريال مدريد لم يصرف سوى 9 ملايين جنيه استرليني ( 13 مليون يورو ) على لاعب واحد ، فالقوّة الشرائية المتواجدة في البريميرليغ جعلت من الأندية تتطوّر أكثر وأكثر ..


بالإضافة إلى الاستقرار الفنّي والإداري ، في اسبانيا بالذات نجد أنّ كرسي الرئاسة يتقلب من فترة إلى فترة ، وكل رئيس يحاول في فترته أن يحدث فرق في الفريق حتّى يكسب جماهيرية تجعله يستمر في هذا الكرسي ، لهذا نجد أنّ الإدارة كثيراً ما تتدخّل في شؤون المدرّب ، كما أنّ التغيّر المستمر في الرؤساء يغيّر من سياسة النادي وأيضاً قد يواكب هذا تغيّر في المدرّبين ، لذلك نجد عدم وجود استقرار إداري أو فنّي يساعد على تطوّر الدوري ..


ولكن لو نظرنا إلى النظام الذي تدار به إدارات البريمير ليغ ، نجد أنّ جميع نادي يمتلكه شخص ، وهذا الشخص هو الذي يصرف على النادي بماله الخاص ويدفع الرواتب والصفقات ، ولكنّه بالمقابل سوف يستفيد من دخل الملعب والإعلانات وما إلى ذلك ، ويعيّن هذا الشخص رئيساً تنفيذياً يعمل لإدارة شؤون النادي اقتصادياً ، متعاوناً مع المدرّب الذي يستطيع أن يتدخّل في جميع الأمور ، فالمدرّب هو الذي ينسّق مع الرئيس في أجور الصفقات ، وأيضاً رواتب اللاعبين ، وأيضاً اختيار اللاعبين ( ليس كما نشاهد في ريال مدريد مثلاً حينما يؤتى بلاعب لتنفيذ وعد انتخابي وليس قرار مدرّب ) ، وبهذا فإنّ المدرّب يهيّء لنفسه بيئة مناسبة له للنجاح والاستقرار ، ولا أنسى تصريح فينغر الذي قال فيه : " أنا محظوظ لتواجدي في الآرسنال " ، نعم .. صحيح إنّه الآرسنال لا يملك المال والديون تتراكم عليه ، ولكن رغم هذا فإنّ فينغر يأخذ كامل ومنتهى الحرّية في التعاقدات والرواتب وبل حتّى بناء الملاعب ! ، بدون تدخّل أي إداري ، والرئيس التنفيذي عليه تنفيذ أوامره فقط ..


كما أنّ نظام الإتحاد الإنجليزي يفتح المجال لجميع الفرق بالتعاقد مع لاعبين أجانب بلا قيود ، وهذا ما أسهم كثيراً في بناء الدوري الإنجليزي حتّى أنّه أصبح دورياً عالمياً تجتمع فيه كل المدارس الكروية ، سواءً من حيث اللاعبين أو حتّى المدربين ، عندما نشاهد الدوري الاسباني أو الإيطالي نجد أنّ أغلب اللاعبين من نفس الجنسية ( مع وجود استثناءات مع الفرق الكبيرة ) ، ورغم ذلك نجد أنّ المنتخبات الإيطالية والإسبانية لا تمتلك أسماء خصوصاً على خط الدفاع ، فنجد بانوتشي ومارتشينا وكابديفيلا وخوانيتو ( مع احترامي لعشاقهم ) لا يصلون إلى مستوى مدافعي الدوري الإنجليزي إطلاقاً !